2015-1-19 |
بقلم: أحمد حلمي / عضو لجنة الحريات بنقابة المحامين المصريين
بقلم: أحمد حلمي / عضو لجنة الحريات بنقابة المحامين المصريين
مهم ابتداء أن نسرد الأحداث وفقا لترتيبها الزمني، ثم بعدها نتحدث عن المسلمات المسكوت عنها:
نظمنا حملة ضد الرئيس مرسي للمطالبة بالقصاص للشهداء طعنا في القضايا وتحقيقات النيابة، ومنها قضية موقعة الجمل.
وحمَلنا مرسي مسئولية ضياع حقوق الشهداء والقصاص لهم، بالنظر إلى أن القضايا معروضة بشكل ضعيف قانونيا، وستبرئ المتهمين، وهناك تآمر من جهات سيادية.
انتخب مرسي رئيسا في 30/ 6/ 2012، وبناء على ذلك أصدر قرارا بتشكيل لجنة تقصي الحقائق في 5/ 7/ 2012، يعني بعد توليه بشهر.
لجنة تقصي الحقائق سلمت تقريرها لمرسي في 3/ 1/ 2013. ليحيل مرسي تقرير تقصي الحقائق للنائب العام في 4/ 1/ 2013.
وطبقا لتصريح مرسي في المحكمة، فإن تقرير اللجنة أثبت تورط جهة سيادية يرأسها السيسى في قتل متظاهري التحرير. وهذه الجهة السيادية هي المخابرات الحربية، والتي يمتد أثرها إلى المجلس العسكري.
النقد الموجه لتصريح مرسي يقول: لماذا عينت السيسي وزيرا للدفاع، وأنت تعلم أنه متهم بقتل المتظاهرين؟ ولماذا كرمت طنطاوي وعنان؟
تكريم طنطاوي وعنان (وأنا ضده طبعا، هو أسلوب دبلوماسي أرفضه شخصيا) كان بتاريخ 14/ 8/ 2012. وتعيين السيسي وزيرا للدفاع كان بتاريخ 12/8/2012.
بمعنى أن كل الذي يُقال من تعيين وتكريم كان قبل صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق، هذا أولا، وثانيا، هل من يتكلم أن مرسي هو الذي عين السيسي وزيرا للدفاع جاد فيما يقوله؟ هل هكذا يفهم حقا؟
هل فيه من يتصور أن مرسي أو غيره قادر على فرض أمر على الجيش أو يعين أحدا بمزاجه؟
حتى حسني مبارك ما كان يقدر على فرض أحد على الجيش، إذ إن المجلس العسكري هو الذي يقرر ويرفع للرئيس ويمضي غصبا عنه. وهذا ليس من عندي، ولكنه تصريح لحسنى مبارك في لحظة من لحظات التجلي التي انتابته.
وهنا، نتذكر تصريح المشير طنطاوي: "السيسي وزير الدفاع القادم"، ولما قدم السيسى لوفد الاتحاد الأوروبي على أنه الوزير القادم.
وليس طنطاوى وعنان وحدهما من كانا يعرفان أنهما مغادران، وأن السيسي سيعين وزير دفاع، وفقط، ولكن كل الجيش تقريبا كان عالما بهذا.
وفي هذا يقول كاتب بريطاني إن الجيش لم يخطط للاستيلاء على السلطة، فحسب، ولكنه أعد أيضا اعد السيسى ليكون رئيسا قادما.
بالعودة إلى موضوعنا، فإن مرسي استلم تقرير اللجنة يوم 3 يناير، وعلم منه كل التفاصيل التي تثبت تورط السيسي والمخابرات الحربية. والنيابة في قضية موقعة الجمل، تعترف علنا أن المخابرات العامة والحربية ووزارة الداخلية رفضت التعاون منها وحجبت عنها الأدلة.
وهل هناك من يتوقع أن مرسي استلم التقرير في 3 يناير، ليصدر قرارا بعزل السيسي في 4 يناير، فالجيش ينحيه في ربع ساعة في 5 يناير؟ رئيس الجمهورية ليس معه لا الجيش ولا الشرطة ولا المخابرات ولا أمن الدولة، لا تسنده أي قوة مسلحة، فما الذي يمكنه أن يفعله؟
في خطابه يوم 26 يونيو، كشف أسماء كل البلطجية، فلم تتحرك أي جهة لتقبض على أي منهم، فكيف لهم أن يقبضوا وزير الدفاع إذا قرر الرئيس عزله؟!
لما تأكدنا كلنا من خلال تحقيقات قضايا الثورة أن النيابة تتلاعب بالتحقيقات، فمن أجل ضمان وجود نيابة تحقق فعلا في القضايا، اضطر مرسي لتعيين نائب عام مخالفا بذلك الدستور، فقامت الدنيا ولم تقعد، فكيف تريده أن يعزل وزير الدفاع ويحبسه من دون تحقيق قضائي؟؟
ومن رفضوا عزل النائب العام عبد المجيد محمود كانوا سيرفضون عزل السيسي، وكانوا سيعترضون ويدعون أن مرسي "يأخون" الجيش.
دعك من مرسي، تفضل، أيها الثائر الناقم ضع نفسك مكانه، فأنت الرئيس لكن ليس معك الجيش ولا الداخلية ولا المخابرات، تفضل اعزل وزير الدفاع لو قدرت على ذلك.
الجيش شبكة مصالح عملاقة، كل واحد فيه مربوط بمصالح اقتصادية وأموال، الذي يحاول أن يلعب في ساحتهم سيقطعون رأسه.
وحتى يحافظ الجيش على وجوده في السلطة ومصالحه الاقتصادية التي تدر الملايين على كل قائد فيه، لزمه أن يستخدم قوته وسلاحه وجهاز مخابراته في ضبط البلد كلها لحسابه.. مجلسه العسكري مرتب، يعرف من المغادر ومن القادم.
ولما يقول الجيش لمرسي عين السيسي وزيرا للدفاع، لا يقوى على قول لا، وإلا سيخلعوه في اليوم الثاني.
مهم أن نعرف أنه من أيام حسني مبارك، فإن الجيش يشكل دولة مستقلة، وهو الذي يتخذ قراراته ويشكل قياداته، والرئيس حضوره شكلي لا أكثر. وهذا ليس كلام مرسي، وإنما اعتراف حسني مبارك شخصيا.
هل تدرك ماذا يعني أن لواء راتبه الأساسي 8000 جنيه، والحوافز وبدل تمثيله في لجنة مصنع وشركة تقفز به لمليون جنيه، بمعنى أن الذي يأخذ مني المليون جنيه، شهريا، أقطع رقبته، ويعني أيضا أن اللواء مع المجلس العسكري طالما سيأخذ "بدلات" المليون جنيه.
يعني لو مرسي سيعزل وزير الدفاع، فالدبابات ستحاصر قصر الاتحادية مثلما حدث مع الملك فاروق.
ولو كانت كل القوى الثورية قد وقفت مع مرسي ليس فيه ما يمنع أن يرتكب الجيش مذبحة مثل رابعة والنهضة، ولا أن يقتل مليون مواطن ليحافظ على المليون جنيه.
وقتها، كان نفس الشخص الذي قال: على مرسي أن يواجه، وهو نفسه الذي رفض عزل النائب العام، سيقول إن مرسي أدخل البلد في حرب أهلية، وسيحمل مرسى مسئولية المواجهة بين الشعب والجيش، وهذا الذي كان مرسي يخشى منه.
عندما تكون في موقع مسئولية ستكتشف أن الأمور تختلف عما كنت تتمناه وتراه.. فأنت محاصر من كل اتجاه .. جيش ومخابرات تتآمران عليك، وثوار يستعدونك، فما العمل؟
إذا كنت مصدقا أن 15 يوما في التحرير، التي يسمونها اعتصام 18 يوم، هي التي خلعت مبارك، فأنت مريض عقليا.
الجيش لو أراد أن يمسح التحرير كما مسح رابعة والنهضة ما كان الوقت سيستغرق منه ربع ساعة.
لذا، أعتقد أن خطة الجيش أصبحت معلومة للكافة، والذي يقول غير هذا إنما يضحك على نفسه.
والذي ركب فعلا الثورة كان الجيش، ونحن ساعدناها بغفلتنا الثورية، ذلك أن خطته من أول يوم كانت واضحة وترتيبها بدأ من واقعة الجمل.
وأيضا، لو أنك متصور أن مرسى عزل طنطاوي وعنان وشكل المجلس العسكري بمزاجه، فليتك تراجع نفسك ومعلوماتك.
لو مرسي يريد إزاحة طنطاوي وعنان لازم الجيش يوافق على ذلك، والجيش لا يوافق على هذا إلا إذا كان عنده خطة يعمل عليها. وحتى يوافق الجيش لازم تتلقى قياداته الضوء الأخضر من الخارج، وتحديدا من أمريكا.
وإذا كنت ترى أن الجيش لا يخضع للسيطرة الأمريكية بالكامل، فأنت فاهم غلط، كل قيادات الجيش تربية أمريكية ومضمون ولاؤها.
وبالتالي، لما ترتب أمريكا وقيادات الجيش تقول لمرسي ستعزل طنطاوي وعنان وتعين السيسي، فماذا بإمكان مرسي أن يفعله؟
وعلى هذا، لم تكن "تمرد" حركة عفوية، ولا تحرك وكلاء النيابة لمحاصرة مكتب النائب العام بالسلاح كان صدفة، فكل جهة كان لزاما عليها أن تعمل وفقا لخطة محددة ترسمها المخابرات الحربية.
وكان لزاما على الشبكة العنكبوتية في الجيش والداخلية تضمن ولاء الجهاز المعلومات، ممثلا في جهاز أمن الدولة.
وكان من اللازم على شبكة الفساد في القضاء تتدخل وتتعاون، وكان لا بد من إفشال مرسىي في تعيين نائب عام جديد، ولو اضطر الأمر لاستخدام السلاح ضد هذا النائب، إذ إن نائبا عاما ولاؤه لمرسي معناه كشف فضايح وتحقيقات، وهذا يعني ضياع مصالح الكل: الجيش والقضاء .. وكل مصلحة.
ولو أنك ترى أن هذا تبريرا لأخطاء مرسي، فأرجو أن تقدم البديل، فالبديل حرفيا هو حرب أهلية بين الجيش والشعب لا تبقي ولا تذر.
وبالمناسبة، هذا ليس رأيي الشخصي، فأنا كنت مع المواجهة ولو كلفتنا آلاف الشهداء، إذ ليس هناك ثوررة بيضاء وسلمية، وكل أمر له ثمن، لكن في الحوار مع القيادات الإخوانية، وقد يكون منها المرشد ومرسي، فهذا كان سؤالهم: نواجهه ونقول للناس، فتحصل حرب أهلية، وإلا نحاول معهم.
فالإخوان جماعة إصلاحية وليست ثورية، وهم معترفون بذلك، وهذا كان رأيهم: نلعب معهم ونحاورهم إلى أن نكون في وضع نقدر عليهم.
مجانين الثورة من أمثالي ليسوا مع الخط الإصلاحي .. مع المواجهة .. صارح الناس .. وليكن ما يكن، فليس ثمة حرية بلا دم.
وهذا الكلام ليس من دماغي، فهذا نتاج حوارات دارت بينا أياما طويلة في الجلسات والقضايا. ولست مع رأيهم، ولكن ألتمس لهم العذر، إذ الموقف أصعب من أنك تأخذ فيه قرارا بجرة قلم وأنت لا تعرف من معك ومن ضدك.
والسادة شركاء الثورة وزملاء الميدان مفروض أنهم على علم بكل تفاصيل الميدان، فلا يقبل منهم ما يقبل من غيره
نرحب دائماً بالنقاشات المجدية والتعليقات التي تغني موضوعاتها
،أنشر الموضوع ليعلم الناس الحقائق وكن أنت الآعلام البديل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق