شاركنا رأيك

شاركنا رأيك

هناك أجيال لم يعايشوا هذه الأيام كان لابد من جديد أن نعرف حكاية التوجيه 41 .


حكاية التوجيه 41 
نشر في آخر ساعة يوم 25 - 10 - 2011


عقب مشاهدته لبيان عبور قناة السويس الذي نفذه رجال الجيش الثالث الميداني في الثلاثاء 19 أكتوبر والذي يعد أهم مناورة عبور بعد بدر 93 والتي أشرف عليها المشير طنطاوي في بداية توليه وزارة الدفاع وكان أهم بيان بعد عبور 73 والذي جاء بعد بيان عبور للجيش الثاني الميداني في اليوم السابق تحدث المشير طنطاوي عن حرب الاستنزاف ودورها في التجهيز لنصر أكتوبر وأمر بأن يتم توزيع التوجيه 41 علي القوات لأننا قد نحتاجه في الأيام القادمة ولأن حرب الاستنزاف والتوجيه 41 قد مر عليهما أكثر من أربعين عاما وهناك أجيال لم يعايشوا هذه الأيام كان لابد من جديد أن نعرف حكاية التوجيه 41 . 


في ليلة 1نوفمبر 1968 كانت القوات المصرية قد أمضت 243 يوما في حرب الاستنزاف التي بدأت بأكبر قصفة مدفعية لخط بارليف الإسرائيلي في شرق قناة السويس يوم 8 مارس والتي توجت عسكريا ووطنيا ومعنويا في اليوم التالي باستشهاد الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية عندما وصل جبهة القتال ليطمئن علي رجاله ويدرس تأثير القصف وكان علي خط مياه القناة علي بعد 200 متر فقط من مواقع العدو فأعطي ذخيرة حماس مصرية وعربية وعالمية ما تزال حتي اليوم واستمرت الاشتباكات بهدف استنزاف العدو وتدمير تحصيناته وتأكيد أن بقاءه فيسيناء يكلفه الكثير ذلك بعدما انتقلت القوات المصرية من مرحلة الصمود والدفاع النشط التي بدأت من 10 يونيو 1967 ومنها القصف المدفعي العنيف لمدة عشرة أيام انتقاما للشهيد وفي8 سبتمبر 1968قصفت المدفعية جميع الأهداف الإسرائيلية شرقي القناة حتي عمق 20 كيلومترا لمدة ثلاث ساعات، أكدت أن السيطرة النيرانية قد آلت للقوات المصرية. وفي 26 أكتوبر تكررت القصفات المدفعية المركزة، وتم دفع كمائن لاصطياد الدبابات التي تهرب أثناء القصف.
فلجأ العدو إلي توسيع الجبهة إلي مناطق بعيدة للغاية،في عمق مصر حتي تضطر القيادة المصرية إلي نشر قواتها ووضع القيادة السياسية في مأزق،. اختارت إسرائيل نجع حمادي، حيث محطة محولات كهرباء السد العالي المشروع الذي قامت بسببه حرب 56 ومايزال جزءا من خطة عرقلة عجلة التنمية في مصر الثورة وتم ذلك بعملية ليلية، باستخدام طائرات الهليوكوبتر وقوات من المظليين الذين يتكلمون العربية..في تلك الليلة (1نوفمبر 1968)
والذي نفذته متزامنا مع ذكري وعد بلفور عام 1917 أي منذ 61 عاما لأنه أيضا جاء بعد الاحتفالات الكبيرة بمرور 20 سنة علي قيام دولة إسرائيل (15 مايو 1948) المنتشية بنصرها في 5 يونيو واحتلالها سيناء والجولان والضفة الغربية وكان تأثير العملية ضعيفا.
لكن علي الجانب العسكري المصري كان لا بد من إعادة النظر في تأمين الأماكن الحيوية في العمق حتي لا تتكرر هذه العملية.
فاجتمعت القيادة العامة للقوات المسلحة كعادتها لتتدارس الموقف واستخلاص دروسه المستفادة خاصة أنه لأول مرة يفرض علي القوات المصرية الدفاع عن مصر من غرب القناة وكذا العمليات في العمق فخرج التوجيه رقم واحد من القائد العام الذي يتحول إلي تعليمات عند القادة فيصبح أوامر واجبة التنفيذ عند الجنود بقواعد تأمين الأهداف الحيوية والذي وجدت فيه القوات المسلحة حلا عبقريا لتجميع خبرات القادة الميدانية ومشاكلهم واقتراحات الحلول وتعميم النتيجة لكل القوات وتوحيد المفهوم بينها وهو الأمر الذي شمل كل ما يتعلق بأمور القتال وتفاصيل كل العمليات والمشاكل والذي تبلور في 53 توجيها استمرت حتي عام 1972 فضلا عن إصدار عديد من مطبوعات التعليمات الميدانية الثابتة باسم نوتة القائد وأخري للجندي وكان أول بيانات النجاح عندما حاولت إسرائيل بعد سبعة شهور في 30 أبريل 69 مهاجمة نجع حمادي من جديد وأحبطت قواتنا المحاولة علي الفور وأعلن ذلك الرئيس جمال عبدالناصر في خطابه في اليوم التالي في عيد العمال (أول مايو) الذي قصدت إسرائيل إحراجه بالعملية في يوم اعتاد مقابلة الجماهير فيه فأثبت له رجاله في القوات المسلحة أنهم بيقظة الاستفادة من كل دروس القتال.
وأشهر هذه التوجيهات (التوجية رقم 41) والمعروف وسط رجال أكتوبر النصر 1973 (بتقرير الشاذلي) نسبة إلي الفريق سعد الدين الشاذلي الذي تولي رئاسة أركان حرب القوات المسلحة المصرية في الفترة من 16 مايو 1971 وحتي 13 ديسمبر 1973عقب تحقيق نصر أكتوبر وتعود أهمية هذا التوجيه بأنه جاء قبل عمليات القتال ولم يأت بعد العمليات كما في غيره من التوجيهات.
بدأت حكاية التوجيه بقيام الفرق 18 مشاة بمناورة عبور كاملة في منطقة البعالوة وهي أحد المواقع التي نفذت عليه قواتنا موقعا شبيها بخط بارليف بنفس المانع المائي ولكن علي ترعة الإسماعيلية وهو الأمر الذي تكرر مع باقي فرق الجيش المصري واتضح أثناء متابعة البيان أن هناك حلولا وقرارات تخص كل قائد فرقة من وجهة نظره دون الاطلاع علي قرارات باقي القادة فكان قرار القيادة العامة للقوات المسلحة بتشكيل لجنة تضم كل القادة الميدانيين وكذا المسئولين عن كل ما يخص المعركة من قادة المشاة والمدفعية والقوات الجوية والمخابرات والإمداد والتموين والخدمات الطبية وكل ما يتصل بالمعركة وتم رصد 132 مشكلة في العبور نوقشت علي كل مستويات القوات المسلحة ميدانيا وكانت التوجيهات بطرح حلول مصرية بفكر وخبرة القتال المصري وكان الخبراء الروس آنذاك قد طردوا من مصر وكان من أبرز ما فعلة الفريق الشاذلي أنه وزع التقرير علي الدارسين في كلية القادة والأركان وكانوا من خيرة القادة الميدانيين الذين تم اختيارهم في امتحانات قاسية لاختيار 150 دارسا من 1500 متقدم للامتحان وبعد دراستهم للتوجيه قام بالذهاب للكلية ليمضي ثلاثة أيام في نقاش يبدأ من الصباح الباكر ولا ينتهي بالليل وكان ملماً بكل التفاصيل الدقيقة.. وسمح بنقاش ديمقراطي.. علمي.. عسكري.. ميداني.. وتم جمع كل الحلول المصرية من كل مستويات القادة الميدانيين الذين يمارسون القتال من يونيو 67 وطوال المعارك شبه اليومية لحرب الاستنزاف التي شملت بمعاركها كل صنوف القتال مع العدو والعبور الي سيناء بمستوي محدود من القوات واشتباكات بالمدفعية والطيران وأبطال الدفاع الجوي والمخابرات والاستطلاع خلف خطوط العدو.
بذلك وضعت الخطة التفصيلية لعبور فرقة مشاة كاملة بكل تفاصيلها التي تشمل التعليمات الواجب تنفيذها من مستوي قائد الفرقة وقادة الكتائب وحتي الأوامر التي ينفذها أحدث جندي.
وخرجت من هذه الحلول فكرة عمل مصاطب الدبابات في غرب القناة لتؤمن العبور وعبقرية استخدام خراطيم المياه لفتح ثغرات خط بارليف وسلالم الحبال وغلق فتحات النابالم ودراسة سرعة التيار في قناة السويس وتوقيتات العبور لكل القوات والأسلحة بكل تفصيلاتها وحتي تسليح الجندي وعدد الجنود في قوارب العبور والتي أصبحت بذلك (سفر) عبور القناة والذي تحقق في الثانية من بعد ظهر أكتوبر 1973 والذي ركز علي كل التفاصيل الدقيقة للغاية.. ولم يترك للقادة.. إلا التنفيذ الدقيق وخرج التوجيه في مجلدين كبيرين كل منهما 500 صفحة مع الخرائط والرسومات وصدر عن هيئة عمليات القوات المسلحة وبدأفي تطبيق قواعد التوجيه في 28 سبتمبر 73 في مناورة الخريف السنوية ثم أصبح في 6 أكتوبر هو خطة العبور العظيم وكان النصر العظيم أكبر شهادة علي نجاح الخطة وعبقرية فكر واضعيها ومخططيها ومنفذيها ووردة علي قبر شهدائها الذين بدمائهم صنعوا النصر وأثبتوا كفاءة العقلية المصرية في التخطيط والتنفيذ.
❊❊❊
التقرير يخضع حاليا لعملية مراجعة من لجنة متخصصة لمواكبته مع التطورات والخبرات المستمرة في القوات المسلحة ليطبع بعد ذلك ويوزع علي القوات حسب أوامر المشير طنطاوي.
حصلت علي المعلومات من لقاءات مع اللواءات عبدالمنعم كاطو مسعد الششتاوي حسين عبد الرازق وكتاب حكايات من حرب الاستنزاف. 

نرحب دائماً بالنقاشات المجدية والتعليقات التي تغني موضوعاتها 
 ،أنشر الموضوع ليعلم الناس الحقائق وكن أنت الآعلام البديل

ليست هناك تعليقات: