شاركنا رأيك

شاركنا رأيك

عظة البابا


د . محمد محسوب
عظة البابا..
كشف الانقلاب على ثورة يناير محدودية قيادات دينية وعدم قدرتها على الفصل بين النَزَعات النفسية والمصلحة الوطنية..
بادرت بزيارة ودية للبابا تواضرس خلال نوفمبر 2012 لأناقش معه أسباب طلب الكنيسة من ممثليها بالجمعية التأسيسية الانسحاب بعد خمسة أشهر من العمل المشترك خصوصا وأن ممثليها القانونيين، وهما مستشاران جليلان، كانا راضيين كل الرضا على أداء الجمعية وعلى معالجة القضايا الشائكة بطريقة تحقق تطلعات كل فئة دون افتئات على مصلحة الوطن..
كان لقاء منفتحا أبدى فيها البابا مخاوفه وعرضت وجهة نظري لتبديد هذه المخاوف.. وغادرت راجيا أن يتبنى البابا الموقف الصواب لمصر بمسيحييها ومسلميها..
لكن متابعتي للأشهر التالية وحتى وقوع الانقلاب أثبتت أن البابا وقع ضحية المشاعر النفسية التي لا تميل للإسلاميين عموما ، واتخذ مواقف لا سند لها من مصلحة وطنية أو حتى طائفية إلا الرغبة في التخلص ممن لا يحبهم..!!
لا يختلف كثيرا عن موقف شيخ الأزهر الذي انطلقت مواقفه من انتمائه الفكري لفريق من المتصوفة الذين قد لا يكنون – لأسباب فكرية أو تنافسية - ودا لجماعة الإخوان المسلمون.. وكذلك من ماضيه السياسي الذي يجعله في دائرة الأقربين لنظام مبارك والذين لا يحملون ودا لثورة يناير وكل إفرازاتها ومطالبها.. على الرغم أن هذه الثورة هي التي جاءت بمطالب منها تحقيق مزيد من استقلال مؤسسة الأزهر علميا ودعويا وحظر استخدام السلطة للمؤسسة الدينية أداة في نزاعها السياسي..
كانت صورة البابا وشيخ الأزهر في تابلوه إعلان الانقلاب في 3 يوليو 2012 إيذانا بفشل مفهوم القيادة الدينية الذي فرضته الدولة المصرية بعيد 1952 ، والذي يحاول حصر الدين في مؤسستين تهيمنان على مفهوم التدين في الدنيا وشئون الآخرة..
فقد انحازا الاثنان للدولة العميقة على حساب الثورة المطالبة بالتجديد.. ولعصر الفساد في مقابل الشعب المطالب بالعدالة.. ولانقلاب عسكري في مقابل تطّلع أجيال الشباب للحرية والديموقراطية..
رغم إن التجديد والعدالة والديموقراطية والحرية هي مفاهيم أساسية لتحقيق معنى الموطنة التي ناضل لأجلها المصريون ولإنهاء أي شكل من أشكال التمييز والإقصاء..
لكن البابا اعتقد أنه بالتمييز ضد الإسلاميين يمكن أن يُنجز مصلحة الكنيسة والمصريين المسيحيين، وهو ربط خاطئ، فلربما يحقق مصلحة الكنيسة لكنه لا يحقق أي مصلحة لأي مصري، خصوصا المسيحي.. بل المدقق يكتشف أنه لم يحقق حتى مصلحة الكنيسة كمؤسسة، فقد غرقت في وحل المواقف السياسية التمييزية والعنصرية والساكتة عن إزهاق حياة وحقوق المصريين، وارتد عليها مشكلات متفاقمة وتقلبات داخلية.. لأن الكنيسة أصبحت انعكاسا لحالة الدكتاتورية السياسية في الدولة لتمارس الدكتاتورية في بيت الرب..
ولم يستطع البابا الذي وقف متفاخرا بجوار جنرال عسكري أن يواجه تبعات موقفه فكان أن أجل العظة ثلاثة سنوات.. لكنها قد لا تكفي لينسى المصريون الخطايا التي وقع فيها..
وكما يعود للثورة المصرية حماية البلاد من الانزلاق لحرب أهلية يدفع إليها الانقلاب بكل قواه..فإنه يعود إليها أيضا الفضل في استعادة مفاهيم التعايش والمواطنة ورفض التمييز والإقصاء بإصرارها على إن هذه الثورة هي ثورة واحدة لشعب واحد، بعد أن وضعته المؤسسات الدينية على شفا التمزق أثناء هرولتها للحاق بركب الاستبداد..
Mohamed Mahsoob -
نرحب دائماً بالنقاشات المجدية والتعليقات التي تغني موضوعاتها ،
أنشر الموضوع ليعلم الناس الحقائق وكن أنت الآعلام البديل

ليست هناك تعليقات: