--------------------------
المرحله الاولي: ١٨٠٠ - ١٨٩٢
---------------------------
ظهرت اول خريطه تحدد الحدود بين مصر و فلسطين في عام ١٨٤١ عندما صدر فرمان عثماني يحدد الحدود مع مصر تحت حكم محمد علي (مصدر ١). أظهرت الخريطه المرفقه بالفرمان الحدود بين مصر و الحجاز و فلسطين. أظهرت الخريطه ان حدود مصر تقع علي خط بين السويس و رفح. بمعني ان جزء فقط من شمال سيناء واقع تحت سياده دوله محمد علي بينما يقع جل سيناء تحت سيطره الدوله العليه العثمانيه.
في عام ١٨٥٢ قام الجغرافي السويسري الشهير هنري دوفور بتعيين تلك الحدود بشكل تفصيلي علي الخرائط (الصوره الاولي). و قد قام موقعه الرسمي بترقيم تلك الخرائط و نشرها بجوده عاليه (مصدر ٢). و تظهر تلك الخريطه بما لا يدع مجالا للشك ان معظم سيناء بما فيها جزيره تيران (تظهر بأسمها اليوناني في الخريطه كجزيرة فاروم) تقع داخل الخط الأصفر التابع لاماره بترا او كما سماها هنري دوفور الجزيره العربيه البتراويه. كتفريق عن الحجاز التي اطلق عليها الجزيره العربيه السعيده او "ارابي اوروس" بالفرنسية.
في تلك الخرائط و وفقا للفرمان العثماني، كان خط حدود مصر هو خط يمتد من السويس نحو نقطه علي البحر المتوسط بين رفح و خان يونس.
تعليق جوده:
-----------
اي شخص يريد ان يستعمل تلك الخرائط كحجه علي تملك السعوديه لتلك الجزر عليه ببساطه ان يتنازل عن كل جنوب سيناء. سنري لاحقا ان الفرمان العثماني ذلك تم إلغائه لاحقا باتفاقيه ١٩٠٦ او ما يطلق عليه باللغه القانونيه superseded او بالعربيه تم نسخه.
أتاح فرمان ١٨٤١ العثماني لمحمد علي و أولاده من بعده سلطه الدخول لمناطق جنوب سيناء لمساعده الحجيج و تأمينهم. و الحقيقه انه قبل هذا الفرمان فقد دخلت جيوش محمد علي الحجاز و احتلت نجد و الدرعيه. و بني ابراهيم باشا مسجدا كبيرا (الصوره الثانيه) بالقرب مما اصبح لاحقا حقل غوار للبترول و هو اكبر حقل بترول في العالم. و قد قام ال سعود بتدمير ذلك المسجد حال وصولهم للسلطه و لكن بقت الصور شاهدا علي ذلك المسجد (مصدر ٣).
لم يدع محمد علي ان تلك الاراضي في نجد وقعت تحت ولايته القانونيه ببساطه لان محمد علي كان يري نفسه مواطنا عثمانيا يريد فقط تجديد الخلافه العثمانيه و اخذها لنفسه (مصدر ٤).
المرحله الثانيه: ١٨٩٢ - ١٩٠٦
--------------------------
قرر السلطان العثماني عبد الحميد الثاني في عام ١٨٩٢ ان يؤكد سيطرته علي سيناء بايعاز من السفير الألماني في اسطنبول. كان الهدف من ذلك تأمين خط سكه حديد الحجاز الذي مر علي مسافه ١٢٠ كم فقط من العقبه. في ذات الوقت كانت مصر تحت الاحتلال البريطاني و كانت بريطانيا تري في اقتراب العثمانيين من سيناء تهديد مباشر لأمن قناه السويس و الممرات نحو الهند (مصدر ٥).
كان خط حدود فرمان ١٨٤١ يمر علي مسافه ٤ كم من السويس. لذلك قرر اللورد كرومر حاكم مصر وقتها ان يخطط خط جديد للحدود بين مصر و الدوله العثمانيه لإبعادها عن قناه السويس.
بدأت مفاوضات بين بريطانيا و تركيا في القاهره. قدمت تركيا اقتراح في عام ١٨٩٢ بان يتم تقسيم سيناء حول خط العريش-راس محمد و هو ما يضع غرب سينا تحت الاداره المصريه و يضع شرقها تحت الاداره العثمانيه. مع ملاحظه ان العثمانيين لم يعترفوا مطلقا ان هذا خط حدود دوليه بل مجرد خط اداري يفصل بين ولايتين عثمانتين.
رفضت بريطانيا هذا الاقتراح تماماً بالرغم انه يبعد العثمانيين مسافه كبيره عن السويس.
قدمت بريطانيا مقترحا لتركيا بان يمر خط الحدود بين رفح في الشمال و العقبه في الجنوب. علي ان يكون الخط شرق رفح (و غرب خان يونس) و يصل جنوبا حتي اقصي النقاط شمالا في خليج العقبه و ليس لمدينه العقبه ذاتها (مصدر ٦).
تعليق جوده:
----------
هذه النقطه في غايه الاهميه لانها تضع معظم مدينه إيلات الحاليه داخل الحدود المصريه. لكن سنري لاحقا انه لا وزن لها في القانون الدولي لانها مجرد اقتراح بريطاني و ليس اتفاقيه مقرره بين الاطراف.
كان رأي البريطانيين طبعا ان هذا الخط يضع كل سيناء تحت الاداره المصريه و يجعلها منطقه عازله مناسبه buffer zone كافيه لتأمين قناه السويس.
اعتمد البريطانيون كذلك علي تحليل نابليون الذي رأي ان صحرا سيناء تمثل خط دفاع جيد امام ايه تجمعات حربيه في صحراء النقب نظرا لخلوها من السكان و قدرتها علي استيعاب مناورات كبيره للجيوش المقاتله (مصدر ٧).
كانت كل تلك مقترحات باتفاق بين بريطانيا و تركيا و لكنها لم تتحول بعد لاتفاق و بالتالي لا يوجد سند قانوني لها.
المرحله الثالثه: اتفاقيه ١٩٠٦
-------------------------
في ١٩٠٦ اقتربت تركيا و بريطانيا من الحرب حول ترسيم الحدود. و لدينا الان وثايق محدده كتبها اثنان عايشا ظروف الاتفاقيه و كتبا تاريخا دقيقا للأحداث.
الاول هو رشدي بيه القائد التركي لمنطقه العقبه و كتب مذكراته و سماها "عقبه مسيلهيسي" او "ازمه العقبه".
و الثاني هو دابليو جنينج براملي قائد حرس الحدود البريطاني في سينا. و أودع براملي مذكراته في الجمعيه الجغرافيه الملكيه في بريطانيا. و أتيح لجوده الاطلاع علي الوثيقتين (مصدر ٨) و كذلك الاطلاع علي معظم الكتابات المؤرخة للوثيقتين.
في يوم ١٠ يناير ١٩٠٦ امر اللورد كرومر الضابط براملي ان يضع افراد شرطه في منطقه نقّب العقبه و هي منطقه تقع الان في الاْردن اي انها الي الشرق حتي من خط الحدود المقترح من بريطانيا و الذي يمر بايلات.
اصطحب براملي معه ٥ عساكر شرطه مصريين و ذهب لرشدي بيه في العقبه و ابلغه ان لديه تعليمات بريطانيه بأقامه مخفر شرطه في نقّب العقبه شرق قريه ام الرشراش (و هي النقطه الأكثر شمالا في خليج العقبه و بها مدينه إيلات الحديثه).
قال براملي ان كل تلك المنطقه تابعه لمصر. (تعليق جوده: لذلك من المضحك ان يقول احدهم ان السعوديه تدعي ان تيران سعوديه و أرسلت خطابا بذلك لان اي إنسان يستطيع ان يدعي اي شيئ. يمكنك ان ترسل خطابا للحكومه الامريكيه و تقول ان كاليفورنيا تابعه للاداره المصريه!)
ذهب رشدي بيه لدمشق عاصمه ولايه الشام العثمانيه و طلب الرأي في اذا ما كانت ام الرشراش مصريه ام لا.
عاد رشدي بيه و ابلغ براملي ان ام الرشراش عثمانيه و طلب منهم المغادره. فعلا غادر براملي ام الرشراش و عاد لعاصمته نخل (التي ما زالت العاصمه الاداريه لجنوب سينا! كما تركها البريطانيون).
في ليله ٢١ يناير قام رشدي بيه بوضع عساكر اتراك في طابا. في صباح ٢٢ يناير ١٩٠٦ قامت السفينه المصريه نور البحر بالتمركز في جزيره فارون (يطلق عليها اليوم جزيره فرعون بالقرب من طابا).
امر كرومر براملي ان يعود للعقبه. و قال براملي لرشدي بيه ان لديه أوامر ان يتمركز ٥٠ عسكري مصري في طابا و ام الرشراش. رد عليه رشدي باشا ان لديه أوامر ان يقاوم الغزو المصري لطابا بالقوه لو اقتضي الامر.
في فبراير ١٩٠٦ أرسلت بريطانيا قوه من ٣٠٠٠ جندي (مجموع لواء حديث) للعقبه و كذلك أرسلت السفينه ديانا لخليج العقبه. حاولت بريطانيا ان تقوم بإنزال بحري في رفح لكن تمكن الأتراك من صده.
بهزيمه بريطانيا في معركه رفح قررت ان تلجأ للحل الدبلوماسي. و لكن تعثرت المفاوضات بين الجانبين.
في ٣ مايو ١٩٠٦ أصدرت بريطانيا و روسيا و فرنسا انذارا لتركيا بانه ان لم توافق تركيا في ظرف ١٠ ايام علي اقتراح الحدود البريطاني و يخلي طابا فان القوي العظمي ستلجأ لاجراءات عنيفه.
في ١٤ مايو ١٩٠٦ استسلم السلطان العثماني عبد الحميد للضغوط و اعترف بخط الحدود الواقع بين رفح و طابا.
في ١ اكتوبر ١٩٠٦ في مدينه رفح الحديديه تم توقيع اتفاقيه الحدود الاداريه بين مصر و ولايه الحجاز و سنجق القدس. و احتوت الاتفاقيه بوضوح علي وقوع جزيرتي تيران و صنافير داخل الحدود المصريه و قد ذكرت ذلك مصر في خلال سجالات الامم المتحده التي حاول فيها مندوب اسرائيل ان يدعي وقوع تلك الجزر خارج السيطره المصريه (مصدر ٩).
تعليق جوده:
----------
من عجب الزمان ان نري البريطانيين في الوثائق حريصين علي حدود مصر و توسيعها و امن مصر الاستراتيجي اكثر بكثير من بعض المصريين المحدثين. انه عجب العجاب. و لسه حنشوف من قعر الزباله.
المرحله الرابعه: التاريخ الحديث
--------------------------
في خلال التحكيم حول طابا قررت لجنه التحكيم ان طابا مصريه و قد قررت ذلك بناءا علي مبدأين (مصدر ٦):
١- ان اتفاقيه ١٩٠٦ هي الاتفاقيه الرسميه المعينه لحدود مصر الشرقيه وفق القانون الدولي.
٢- ان كل خرائط مصر و اسرائيل الرسميه و في مدارس مصر و اسرائيل أظهرت ان طابا تقع في مصر دون ان تعترض اسرائيل علي ذلك مما يعطي تحصين قانوني لوضع طابا.
استند الجانب الاسرائيلي في طابا علي انه بالرغم ان اتفاقيه ١٩٠٦ تضع طابا في مصر الا ان هذا تم بشكل de facto و ليس بشكل قانوني. و السبب في ذلك ان اتفاقيه ١٩٠٦ تنص انه يجب ان يتمكن المساحون من رؤيه كل نقطه حدوديه من النقطه التاليه. و كان رأي الجانب الاسرائيلي انه حيث ان نقطه ٩١ علي البحر في طابا لا يمكن رؤيتها من نقطه ٩٠ الواقعه شمالها إذن فنقطه ٩١ غير قانونيه وفق اتفاق ١٩٠٦.
اي ان الجانب الاسرائيلي استند لاتفاقيه ١٩٠٦ علي انها الأساس القانوني للحدود. رفض المحكمون الرأي الاسرائيلي و قالوا ان كل خرائط العثمانيين و البريطانيين و المصريين و الاسرائليين لاحقا أظهرت طابا في مصر مما يعطيها حصانه قانونيه. كذلك فقط ردت اسرائيل طابا لمصر بعد حرب ١٩٥٦.
جدير بالذكر ان اسرائيل ردت تيران و صنافير لمصر ايضا بعد حرب ١٩٥٦. بل و نصت معاهده كامب ديفيد بين مصر و امريكا و اسرائيل بوضوح (مصدر ١١) ان تيران مصريه (صوره ٣ من خريطه كامب ديفيد و تظهر تيران بوضوح داخل مصر).
اي اننا لدينا اعتراف دولي كامل ان تيران مصريه و اعتراف من الولايات المتحده ذاتها التي وضعت قوات عسكريه في تيران كجزء من القوه متعدده الجنسيات.
الاهم ان الخرائط السعوديه نفسها تظهر تيران و صنافير مصريه حيث تظهر محافظه تبوك السعوديه (الصوره الرابعه و مصدر ١٢) بدون ايه جزر حتي في خرائط الطقس السعوديه!
اذن وفقا لمبادئ التحكيم في طابا فان تيران موجوده في اتفاق ١٩٠٦ و كذلك يوجد اعتراف de facto بأنها مصريه من كل الاطراف.
في النهايه:
----------
نحن مذهولون الحقيقه من كل من يريد ان يتنازل عن تيران و لا يري هذا مقدمه للتنازل عن كل جنوب سيناء حيث يقوض ذلك اتفاقيه ١٩٠٦ من اساسها. حيث يمكن للأردن او السعوديه او اسرائيل ان تقول ان مصر الان اقرت ان اتفاقيه ١٩٠٦ لاغيه او بها أمور يمكن الغائها. و بالتالي فالمرجع القانوني الدولي الان يتحول عن اتفاقيه ١٩٠٦ نحو فرمان ١٨٤١ مما يفتح قوسا عريضا جدا جدا يبدأ من تيران و لا ينتهي الا في السويس، هذا اذا انتهي.
و نحن نعجب ممن يريد خلط أمور السياده بموضوعات مثل هذا ذكاء من "الريس" حيث يمكن الان السعوديين من الدفاع عن تيران بالرغم من اعلان السعوديه تمسكها باتفاق كامب ديفيد!
و قد رددنا في السابق علي كل هذا الكلام الذي اقل ما يقال عنه انه سخيف! مصدر ١٣.
لقد احتلت امريكا كاليفورنيا و تكساس من المكسيك. هل تستطيع المكسيك ان تطالب بتلك الاراضي من امريكا الان؟
ان بريطانيا تقبع في مضيق جبل طارق الواقع فعلا داخل الاراضي الاسبانيه و ليس علي مرمي اميال منها كما حاله تيران، و لكن بريطانيا تقول ان هناك اتفاق وقعت عليه إسبانيا يعطي جبل طارق لبريطانيا.
و الان تقوم الصين ببناء جزر صناعيه في بحر الصين الجنوبي الواقع علي بعد الف ميل منها حتي تسيطر علي مناطق استراتيجيه. لا ان تتخلي علي مناطق استراتيجيه تحت ايه دعاوي. و اذا كان السعوديون مسلمين فهل المصريون كفره؟
كل ما في الامر ان العجل المصري وقع علي الارض و كثرت سكاكينه!
و الجزار لا يمانع ان يعطي العجل شربه ماء او أرز بينما العجل يحتضر حتي يستطيع اقتطاع اللحم الحي بسهوله دون ان ينتفض العجل.
كانت هذه حلقه استثنائيه من صفحات مخفيه من التاريخ. و السلسله كلها في مصدر ١٤.
٥- هييد ١٩٦٣
جمعيه دراسه ارض اسرائيل
خليج إيلات و ازمه إيلات ١٩٦٣
صفحه ١٩٤-٢٠٦
Heyd, U. (1963) ‘The Gulf of Eilat Crisis of 1906 in Eilat’, The Eilat Volume, Jerusalem: The
Society for the Study of the Land of Israel, pp. 194-206.
٨- مذكرات رشدي بيه و مذكرات جينينج براملي حول ازمه العقبه: